أبو تمام وقصيدة برد خراسان
أبو تمام 788 م_ -- 845م هو حبيب بن أوس الطائي منسوب إلى طي القبيلة العربية المشهورة ،كنيته أبو تمام وبها عُرِف و قيل أن والده كان نصرانيا يدعى تدُّوس العطار فلما اسلم غيره إلى اوس.
حمله والده صغيرا إلى مصر فنشأ فيها، ولما كبر اخذ يسقى الماء في الجوامع، وقيل انه كان يخدم حائكا ويعمل عنده ،و اختلف الى مجالس الأدباء و أهل العلم فاخذ عنهم، وكان زكيا فطنا يحب الشعر فلم يزل يحاكيه ويعانيه حتى برع فيه فاتصل بالأمراء ومدحهم فأجازوه ورفعوا قدره .
كان يتمتم إذا تكلم لحبسة في لسانه فلم يكن يحسن الإنشاد لذا كان غلامه الفتح ينشد قصائده عنه لكنه كان قوي الحافظة حتى قيل انه حفظ 1400 أرجوزة للعرب غير المقاطيع والقصائد ، وكان فطنا حاضر البديهة كريم الأخلاق كثير المروءة فطالما ما استخدم شعره ونفوذه لحماية من يلوذ به ويعتمد عليه وعاش في بيئة رفيعة فلم يصاحب غير الأمراء والخلفاء لذلك قلَّ تبذله في الشعر ، وكان صاحب عاطفة دينية قوية حسن الإسلام وان لم يحافظ جد المحافظة على تعاليمه و أحكامه.
كتب في مواضيع الشعر كافة وتميز بالمدح والوصف والرثاء و افرط باستعمال البديع والاستعارات وأدى ذلك لغموض شعره وتورطه في مضادات جمّة لأصول الفصاحة .
هو أول شاعر انكشفت له الحكمة اليونانية فاغترف منها ومهّد السبيل من بعده للمتنبي و أضرابه ويبقى فضله مشهود له باغنائه اللغة بمعان لم تعرف من قبله كما أغناها بأنواع الاستعارات والطباق .
قصيدة برد خراسان
لم يبقَ للصيف لا رسمٌ و لا طلـل =ولا مشيبٌ فيُستَكسى و لا سملُ
عدلٌ من الدمع ان يبكي المصيفَ =كَما يبكى الشبابُ ويبكى اللهوُ والغزَلُ
يُمنى الزمانِ طوت معروفها و غَدَت=يُسراه ُ و هي لباس ٌ بعدهُ بدلُ
أما ترى الأرض غضبى والحصى قلِقاً =والأفق بالحَـرجَفِ النَّكباءِ يقتتلُ
من يزعم الصيف لم تذهب بشاشته =فغيرَ ذلك أمسى يزعم الجبل
غدا له ُ مِغفَرٌ في رأسه يَقَقٌ =لا تهتك البيضُ فودَيْهِ و لا الاسلُ
إذا خُراسان عن صنبيرها كشرَت =كانت قياداً لنا أنيابه العُضَلُ
يمُسي و يضحي مُقيما في مَباءَ ته =وبأسُهُ في كُلى الأقوام مرتَحِلُ
من كان يجهل منه جدَّ سَورتِهِ =في القريتين و أمر الحقِّ مُكتَهِل
فما الضلوع ولا الأحشاء جاهلةً =ولا الكُلى انَّه المقدامةُ البطلُ
هذا و لم يشتمل للحرب دَيدَنهُ =و ايُّ قرن تراهُ حين يشتمل
إن يسَّرَ الله أمراً أثمرت معه =من حيثُ أورقت الحاجاتُ والأمل